Musume Janakute Mama ga Sukinano !? - مقدمة المجلد
♠
لقائي الأول بأياكو-سان كان في وسط مأساة.
“…أنا من سيعتني بهذه الطفلة.”
صوت نبيل علا بين البالغين مرتديين ملابس سوداء. لم يكن مرتفعا، لكنه كان مصحوب بعزم استطاع أن يكسر الجو القاتم الذي كان يتخلل المكان.
كان ذلك بعد انتهاء الجنازة بقليل.
الزوجان اللذان عاشا بجوارنا قد توفيا في حادث مروري.
رحلا الى السماء معا.
كنت في العاشرة من عمري عندما اخذني والداي الى الجنازة.
في ذلك الوقت لم أكن افهم كل ما كان يجري.
سواء عملية حرق البخور او تقديم القرابين… وما معنى ان يموت أحدهم.
الزوجان الراحلان… كانوا أناسا جيدين حقا. في كل صباح اذهب فيه للمدرسة، كانوا يحيونني بابتسامة. حتى انهما في إحدى الأيام دعوا عائلتي إلى حفلة شواء في حديقة منزلهما.
لم أعلم الكثير بخصوص الموت، لكنه من المحزن أن اعرف انني لن أراهما مجددا أبدا.
أيضا… كنت اتساءل بخصوص ما سيحصل لميو-تشان.
الزوجان الراحلان كان لهما طفلة في الخامسة من عمرها.
على ما يبدو انهما كانا بطريقهما الى الحضانة لاصطحاب ميو-تشان وكانا ينويان شراء وجبة بعد ذلك… لكن وهما في الطريق ليصحباها وقع الحادث الكئيب.
ميو-تشان لن ترى أمها او اباها مجددا…
يا لها من مأساة…
بالرغم من ذلك…
لم يبدو ان ميو-تشان تفهم ما كان يجري حولها. بقيت جالسة صامتة غافلة طوال الجنازة، وكأنها حيوان صغير.
من الممكن انها لم تعلم ان بابا وماما قد توفيا.
أو من المكن انها لم تعرف حتى معنى الموت. حتى أنا لم افهم ذلك في عمر العاشرة، فهي أيضا على الأغلب لم تفهم ذلك بعمر الخامسة.
البالغون الذين ارتدوا الملابس السوداء في تلك الليلة كانوا يرددون “يا للفتاة المسكينة” وكأن تلك الجملة كانت محتوى شريط محطم. فتاة مسكينة، فتاة مسكينة، ذلك ما كانوا يرددون.
وكأنما كانوا يسمونها بذلك.
وكأنما كانوا ينقشون ذلك بداخل دماغها.
بعد كل ذلك الهدوء أقيمت الجنازة، بدأ البالغون بتناول الغداء في غرفة مفروشة بالحصير، كان هنالك طقس يسمى شوجين اوتوشي (م.ت.: هي مأدبة تقام في اليوم السادس بعد الوفاة وبعد العودة من الجنازة لمكافئة الكاهن والقائمين على الجنازة) والطاولة كانت مليئة بالساكي والسوشي.
بعد ما هموا بالشرب، بدأ البالغون حوارهم وكأنهم كانوا بانتظار هذه اللحظة تحديدا. أما حوارهم ذلك فلم يكن سوى تجسيدا للدناءة والأنانية.
-اخبرتكم سابقا، لا أستطيع الاعتناء بها.
-انا أيضا لا أستطيع، فلدي 3 أطفال.
-ماذا عنك يا أخي؟ ألست أعزبا؟
-توقف عن العبث معي. إذا بدأت بالاعتناء بها فلن أتزوج أبدا.
-اظن انه لم يتبقى لنا سوى خيار إرسالها الى الميتم.
-لا، إذا أرسلناها الى الميتم فلن نسلم من ألسنة الناس.
-هذا صحيح، سيبدو وكأننا تخلينا عنها.
-إذا لما لا نجعل أمنا ترعاها؟
-يكفيني الاعتناء بأبيكم، في الواقع لماذا لا تتوقفوا عن رمي مسؤولياتكم علي وتبدؤوا بالاعتناء بوالدكم أيضا؟
كان الأمر وكأن أقارب ميو-تشان جميعا يعتدون عليها بأصواتهم.
كانوا يتجادلون بخصوص من سيعتني بها.
وبكل بساطة… لم يكن أحد يريد فعل ذلك. الجميع كانوا يبدون منشغلين بحياتهم ومشاغلهم الخاصة، لذلك لم يكونوا قادرين على الاعتناء بأطفال الآخرين.
مبادلاتهم استمرت بالتصاعد والتشاحن أكثر وأكثر.
لم أكن متأكدا من إذا كانت ميو-تشان قادرة على فهم ما كان يقال في ذلك النقاش، لكن البالغون ظنوا ان ذات الخمس سنوات لن تقوى على فهم ما كان يجري. لذلك استمروا بجدالهم دون حرج.
ذلك الجو كان بشع لدرجة ان حتى طفلا في العاشرة مثلي استطاع ملاحظة ذلك.
حينها، قال أحدهم ” إذا كانت الطفلة ستكون وحيدة فالأجدر بها ان تلحق بوالديها…” في تلك اللحظة أغلقت أذناي لكيلا أسمع بقية الكلام.
باام!
بعد ضربها للطاولة، وقفت امرأة.
“…أنا من سيعتني بهذه الطفلة.”
صوت نبيل استطاع كسر ذلك الجو البشع.
“ماذا؟ ألم تسمعوني جيدا؟ لقت قلت… انني سأعتني بابنة أختي.”
تلك المرأة أعادت كلماتها تلك بينما خيم الصمت على البالغين من حولها بعد اندهاشهم من كلماتها.
على ما يبدو، تلك كانت أياكو-سان خالة ميو-تشان الصغرى.
امرأة جميلة أحاط بها رونق لطيف.
كان يبدو انها في مقتبل العشرينيات من عمرها.
عيناها الكئيبتين ملئتا بنظرة ناعمة في السابق، لكن الآن فهما يشعّان بالغضب الصامت تجاه أقاربها.
“مـ-مهلا يا أياكو، ما الذي تتفوهين به الآن؟”
المرأة الجالسة جوارها حاولت بسرعة إيقاف أياكو-سان.
اظن أنها كانت أمها.
“تقولين ستعتنين بها…؟ لا يمكنك ذلك. لقد بدأت العمل للتو هذا العام… تربية طفلة في هذا الوقت سيـ-“
“آسفة يا أمي لكنني عزمت أمري بالفعل!”
أياكو-سان بلطف دفعت أمها إلى الجانب وبدأت بالسير تجاه ميو في عجلة.
“لا أستطيع تحمل أن أرى ميو-تشان تبقى في هذا المكان لثانية أخرى.”
بخطوات واثقة، ذهبت تجاه الفتاة الجالسة في الزاوية.
جلست بشكل متقرفص ونظرت في عينيها.
“ميو-تشان هل تريدين العيش برفقتي من الآن فصاعدا؟”
“أن أعيش برفقتك يا خالتي…؟”
“أجل، برفقتي.”
“لكن… ميو تريد ان تكون مع بابا وماما.”
“بابا وماما… ذهبا الى مكان بعيد. أخشى أنك لن تستطيعي العيش برفقتهما بعد الآن.”
“إذاً…ميو ستكون وحيدة؟”
“أجل…لكن في الحقيقة، أنا أيضا وحيدة حاليا.”
“أنت أيضا خالة أياكو؟”
“هذا صحيح، كما ترين، انه من المحرج قول هذا، لكن عندما حصلت على وظيفة، ومن دون ان أدرك ذلك أصبحت أعيش وحيدة… فبعد أن كنت أحيا مع والدي منذ صغري أصبحت اشعر بالوحدة بمفردي.”
“ولذلك” قالت أياكو-سان،
بينما كانت تنظر إلى ميو-تشان بنظرات لطيفة، مدت يدها نحوها.
“خالتك تشعر بالوحدة والملل كل يوم، لذلك أريد أن أعيش معك، ميو-تشان. هل تريدين العيش برفقتي؟”
“همم… أجل أريد ذلك.”
في اللحظة التي هزت ميو-تشان رأسها بها، أبدت أياكو-سان ابتسامة مشرقة كإشراقة الشمس.
“ممتاز!، إذاً هيا بنا.”
أمسكت بميو-تشان من ذراعيها وحملتها عاليا.
“وواه! لقد مضى وقت طويل منذ آخر مرة حملتك فيها بذراعي، والآن انظري كم من الوزن لديك، ميو-تشان! ظهري يؤلمني.”
“هيهي، تبدين كالجدات، يا خالة.”
“أوه، لكن كما تعلمين الأطفال السيئون فقط يقولون كلاما كهذا. خذي عقابك، دغدغة دغدغة…”
“هاها، أرجوك توقفي خالتي، إن هذا كثير جدا.”
كلاهما كانتا تضحكان بابتسامة على وجهيهما تبدوان وكأنهما نسيتا أننا أقمنا جنازة منذ لحظات.
البالغون من حولهم بقوا صامتين ولم يتلفظوا بكلمة. كان هنالك هالة من القداسة التي لم يجرء أحد منهم على أن يعكرها.
أما أنا… فلم أستطع أن أشيح بنظري عن أياكو-سان.
لم أستطع سوى أن أبهر بالنظر اليها تمد ذراعيها بلا أي تردد تجاه تلك الطفلة التي رميت في أعماق اليأس بواسطة دعابة القدر.
تلك التي تخطت المأساة وحدها، بدت وكأنها بطلة نبيلة أو قديسة رحيمة، وأظن أنه في تلك اللحظة تحديدا… سرقت قلبي ولم ترجعه.