Musume Janakute Mama ga Sukinano !? - الفصل السابع
♥
-أنت لست وحدك.
-أياكو ماما، لديك أنا في صفك.
-إن جرى لك أمر سيء أو مؤلم، فسأكون أنا من سيحميك، أياكو ماما.
-لذلك أياكو ماما… لا تبكي.
رأيت حلما.
حلما عما جرى قبل عشرة سنوات.
في اليوم الذي استحممت فيه مع تاكّون، والذي كان ما يزال طفلا صغيرا…
“…أنا بجانبك، هاه…” استيقظت في سريري وكررت تلك الكلمات من حلمي. تذكرت بشكل ضبابي ذلك الماضي المخبأ في أعماق ذكرياتي.
آاه…
لقد تذكرت.
عندما كان تاكّون صغيرا ويتكلم بطريقة طفولية، أخبرني بأمر ما عندما كنت مشغولة بأعمالي وبتربية ميو.
لقد نسيت ذلك الأمر المهم بالكامل.
“…هذا يجعلني سعيدة كثيرا.”
بل سعيدة للغاية.
شعرت بأنه تم انقاذي.
شعرت أن جهودي تم تقديرها.
سواء كان ذلك محاولة منه لجعلي مطمئنة أو أنه مجرد كلام غير مسؤول خرج من فم طفل، إلا أن سماعه جعلني سعيدة للغاية بغض النظر أيا منها يكون.
استطاع طفل ذو عشرة سنوات أن يجعل قلبي مشتعلا بعد سقوطي بقاع حفرة اليأس.
لكن…
بالنسبة له، هذه الكلمات لم تكن مجرد كلمات متعاطفة أو كلمات لجعلي أطمئن أو مجرد كلمات غير مسؤولة…
منذ ذلك اليوم، أكمل حياته محافظا على كلماته تلك.
وفي آخر عشرة سنوات، كان تاكّون دائما موجود لنجدتي.
كلما كنت في ورطة، كان دائما موجودا لمساعدتي.
لقد أخطأت عندما ظننت أنه كان يقوم بذلك من أجل ميو… لكن في الحقيقة كان يفعل ذلك من أجلي.
بنية لا تحتوي سوى حب نقي وبريء.
وحتى اليوم، وفي سن العشرين، ما زال محافظا على مشاعره النقية البريئة.
لكنني… لم أستطع تقبلها.
لقد كبرت منذ وقت طويل، وبعد أن عشت في عالم البالغين لمدة طويلة، لم أستطع أن أكافئ مشاعره النقية البريئة.
“…علي أن أنهض.”
وفي حالة نصف نائمة، خرجت من السرير.
في اللحظة التي أقوم فيها من السرير يبدأ يومي.
الحياة لا تتوقف.
دائما تواصل التقدم.
وعندما تكون راشدا تشعر أن الأمور تسير ببطء.
لقد مرت بضعة أيام من أن رفضت (دون قصد) تاكّون.
ولم أراه مجددا منذ ذلك اليوم.
لم يعد يأتي لاصطحاب ميو مجددا، وقد أبلغني من خلال ميو أنه ألغى دروسه.
وبالطبع بما أننا جيران، كان من المستحيل ألا نرى بعضنا البعض بمرور الوقت.
لكني الآن… لا أعلم بأي وجه أقابله إن رأيته…
“أمي… هل أطلت النوم مجددا؟”
عندما توجهت للدرج بخطوات ثقيلة، رأيت ميو تراقبني من غرفة المعيشة. كانت قد ارتدت ملابسها وبدا عليها الاستعداد للمدرسة.
“…صباح الخير…”
“ما الذي تعنيه بصباح الخير؟ ها… لا يهم. إن الإفطار جاهز.”
عندما دخلت غرفة المعيشة كان الإفطار على الطاولة، حساء الميسو ولحم مقدد وبيض وسجق وبعض الناتّو. كان إفطار تقليديا.
ميو عادة تترك الأعمال المنزلية لي لأنها تنزعج من القيام بها، لكن وعندما تريد ذلك، بإمكانها أن تقوم بها دون أي مشاكل.
وفي الأيام الثلاثة الماضية، كانت ميو تحضر الإفطار كل صباح.
“هاا… بدأت أحسن مهاراتي بالمطبخ والفضل لكسلك. وأيضا كان عندي بعض وقت الفراغ فأعددت لي علبة غدائي.”
“هكذا إذا… ممتاز…” أجبت ميو بغفلة، والتي تنهدت بينما تقلب الناتو.
في هذه الأيام الماضية، كنت في حالة مزرية لدرجة أفسدت نومي مما جعلني أستيقظ متأخرة. ومهما بذلت جهدي لم أستطع أبدا أن أبعد وجه تاكّون عن تفكيري، في كل مرة أتذكره يؤلمني صدري.
وجهه المثبط، تلك العيون الباكية… لم أستطع نسيان ذلك.
“بجدية… لم أنت مكتئبة هكذا؟ ألست بالغة، أنت أكثر نضجا على أن تتصرفي بهذه الطريقة.
“أ-أسكتي…”
“لا يمكنني تحمل رؤية هذا الوجه العبوس في الصباح.”
“…ميو… لم تعاملين أمك بهذه القسوة…؟”
“لأنني في صف تاكو-ني. دعمت مشاعره وأردت أن يصبح أبي.” قالت ميو بنبرة ساخرة، ثم سكبت الناتو فوق الأرز. “بالرغم أنني أظن لم يعد علي أن أستمر بدعمه بعد ما جرى.”
ثم بنبرة مستخفة، قالت شيئا غير متوقعا.
“يبدو أنه قد حصل على خليلة.”
“…ماذا…؟”
أسقطت عيدان الطعام دون إدراك.
لم أستطع فهم معنى ما كانت تقول، وتعطل تفكيري.
“ما… ماذا؟ مـ-ما الذي قلتيه للتو…؟”
“لقد قلت أنه قد حصل على خليلة.”
“…”
ما زلت غير قادرة على الفهم.
بدا أن دماغي لم يكن قادرا على فهم معنى ما قالته.
“ماذااا؟ أ-أنت تكذبين، أليس كذلك؟ أعني ألم يكن تاكّون…”
“كنت أنت من رفضته، أليس كذلك؟ ولذلك هو الآن يواعد فتاة أخرى.”
على العكس مني أنا والتي كنت مصدومة، كانت ميو هادئة تماما.
ودون تركي آكل في سلام، قالت:
“يقولون أن إيجاد حب جديد هو أفضل طريقة لعلاج قلب محطم. وتاكو-ني كان لديه شعبية كبيرة منذ أن كان في المدرسة المتوسطة… غير أنه قد التحق بجامعة ذات سمعة جيدة، مما يجعله رجل بمستقبل مزهر، لذلك هو موجود في رادار نساء كثر.”
“…”
“سابقا، لم يواعد أحدا لأنه كان هائما في غرامك. أما الآن فلا شيء يربطه بك، يمكنه الآن أن يستمتع بحياة جامعية جميلة. وأيضا، بطريقة معينة، إنه لمن مصلحة تاكو-ني أنك رفضته. أخيرا صار بمقدوره أن يصحو من حلم طفولته ويبدأ بمواعدة فتاة يافعة وجميلة.”
“…”
“آه، بالمناسبة، لقد ذكر أنه سيخرج في موعد اليوم. يبدو أنه لم يكن لديه محاضرات بعد الظهر. سمعت أنهما سيلتقيان أمام محطة القطار من ثم سيذهبان إلى السينما. من الجميل أن يكون المرء طالبا جامعيا. إن لديهم أوقات متفرغة كثيرة حتى في منتصف الأسبوع.”
“…”
“كان الإفطار جيدا، حسنا إذاً، سأذهب الآن.”
بعد أن تناولت إفطارها، توجهت ميو للمدرسة.
وقد تركتني مصدومة… وغير قادرة على لمس طعامي،
ذلك اليوم، بعد الظهيرة… ركبت الحافلة إلى محطة القطار.
كان الأمر مجرد صدفة!
كان الأمر محض صدفة أنني أردت أن أقوم بأمر ما هناك!
بعد ركوب الحافلة، توجهت لمبنى قرب المحطة -والذي كان يحتوي على صالة سينما في الطابق العلوي- ثم ذهبت للكافتيريا الموجودة في الطابق الأول.
وأجل، تلك كانت صدفة عابرة.
كل ما في الأمر أنني اردت الذهاب لتلك الكافتيريا منذ وقت طويل. كان المكان فارغا، ولكن صادف أنني قررت أن أجلس في مقعد يمكنني من رؤية مدخل المبنى. لم أكن أبدا أنوي فعل ذلك مسبقا.
كنت أرتدي معطفا ربيعيا ونظارة شمسية كبيرة العدسات بالإضافة إلى كمامة صادف أنها تغطي وجهي. وذلك كان لـ… همم… لحماية نفسي من الأشعة فوق البنفسجية…
“هااا…”
يكفي هذا… علي التوقف فحسب.
لا فائدة من الخروج بأعذار.
فبطبيعة الحال… أتيت لأن الفضول دفعني لذلك.
فبعد سماع ما قالته ميو، أردت التأكد بنفسي من ذلك.
أي نوع من الفتيات يواعد تاكّون…
آاااه، تبا.
ما الذي أفعله بحق الجحيم…؟
لقد كنت أنا من رفضته… وكنت من آذاه…
لا يحق لي أن أتصرف هكذا…
لا، في الواقع… لا أعتقد أنه يحق لأحد أن يتجسس على مواعيد الآخرين في المقام الأول.
حينها، وفي أثناء تعذبي بسبب أفكاري…
“…!”
حضر.
كان ذلك تاكّون. لقد حضر حقا.
لقد ظهر عند مدخل المبنى. توترت وغطيت وجهي بجريدة أحضرتها معي. وبدأت أتلصص من وراء تلك الجريدة.
لم… يكن لوحده.
كان هناك فتاة بجانبه.
كانت فتاة نحيلة وصغيرة ذات وجه جميل. شعرها منسدل وشفتاها كانتا مطليتان بأحمر شفاه لامع. تنورتها كانت قصيرة للغاية، لديها قدمين نحيلتين لينتين وفوق ذلك جميلتين.
بالمجمل، كانت ترتدي ملابس تشع بالفتوة والصبا، وقد أبدت له ابتسامة مشرقة وبريئة.
مشَيا من امامي.
لقد بدت عليهما السعادة بجانب بعضهما البعض.
بدا أنهما زوج يافع مثالي.
“…”
شعرت بالدوار. شعرت أن قلبي بدأ يبرد.
إذاً فتلك كانت الحقيقة.
اعتقدت أن ذلك مستحيل وأن ميو كانت تكذب لتغيظني، لكن يبدو أن ما قالته لم يكن سوى الحقيقة.
تاكّون حصل على خليلة حقا.
والآن يحظى بموعد ممتع برفقة خليلته الجديدة…
“…”
وفي لحظة تجمد قلبي، تدفقت سخونة غريبة في داخلي.
ما الذي يجري بحق الجحيم؟!
ما خطب تلك الفتاة بحق الجحيم؟!
لطيفة وأنيقة وبأرجل نحيلة… إ-إنها تثير غضبي!
وأيضا تاكّون!
لماذا يتغازل بها؟!
أيضا… أليست مختلفة عني تماما؟! وهو يواعدها… تلك الشابة النحيلة الهشة، والتي هي على عكسي تماما!
إذاً فكان يفضل الفتيات الظريفات على الرغم من كل ما قاله لي.
فقد أراد في الحقيقة فتاة شابة بعمره بدل عجوز مثلي.
وبذلك…
شعور من الغضب الأناني حل بي… لكن ذلك كان للحظة فحسب، وبعد ذلك في الحال، كرهي لذاتي أعاد قلبي للحال البرود التي كان عليها.
آاه…
لم أنا غاضبة؟
لا يحق لي أن أفعل ذلك.
كان قلبي في حالة من الفوضى ولم أستطع فهم مشاعري الحقيقية.
لكن بالرغم من ذلك ودون إدراك مني، غادرت الكافتيريا جارية لأتتبعهما.
كانت السينما في الطابق العلوي غير ممتلئة، لعل سبب ذلك كوننا في منتصف الأسبوع.
كان يصعب علي التقرب منهما بوجود عدد قليل من الناس.
وبعد شراء تذاكر للفلم، اشترا كلاهما العصير من المتجر.
يبدو أنهم اشترا طعمين مختلفين ليتذوقا مشروبات بعضهما البعض… مهلا… يشربان مشروبات بعضهما البعض؟!
مـ-ماااذااااا؟!
تلك ستكون… قبلة غير مباشرة؟!
هما ليسا طلاب متوسطة، لذلك سيكون من الغريب إن اهتما لأمر كذلك… لـ-لكن! أليس من المبكر جدا أن تقوم بذلك قبل أن تتم ثلاث أيام من المواعدة؟!
حتى لو كانت قبلة غير مباشرة، أليس من المفترض أن تشعر بالإحراج، ولو قليلا فحسب؟!
قاما بفعل ذلك بشكل عادي تماما، كما لو أنهما صديقان منذ زمن طويل أو شيء مشابه…
“آه…”
لقد كنت غافلة.
كنت مشغولة بموضوع القبلة غير المباشرة لدرجة أنني نسيت الاختباء.
تلاقت عيني بعينيها.
نظرت لي بتعجب، ثم همست بشيء في أذن تاكّون.
حينها نظر تجاهي… وفتح عينيه بتمعن.
ثم جرا تاكّون نحوي.
غير قادرة على الهرب، تجمدت في مكاني.
“إحم… أياكو-سان؟”
“أ-أظنك تقصد شخص آخر…”
“…”
“حـ-حسنا، آسفة… إنها أنا…”
لم أقوى على الكذب عليه. حقيقةً، لقد كان ذلك مستحيلا. بالرغم أنني كنت متنكرة، فكل ما كنت أرتديه كان معطفا ونظارات شمسية، لذلك سيكون من السهل أن يعرفني أحدهم إن اقترب مني.
استسلمت للأمر الواقع ونزعت النظارة.
بدا التفاجئ على وجه تاكّون.
“ما الذي تفعلينه هنا؟”
“إ-إحم، في الحقيقة… لكن كنت أخطط لمشاهدة فيلم.”
“…بهذه الملابس؟”
“و-وما خطب هذه الملابس؟! الأشعة فوق البنفسجية شديدة اليوم! السؤال الحقيقي، ما الذي تفعله أنت هنا، تاكّون؟!”
منزعجة ومستعجلة، حاولت تغيير الموضوع.
“كما ترين… أتيت لمشاهدة فيلم.”
“أعـ-أعرف ذلك… لكني كنت أتساءل إن كان يجدر بك فعل ذلك. في أيام الفراغ كهذه، يتوجب عليك أن تستغل الفرصة للبروز.”
“…؟”
“أتـ-أتفهم حماسك بعد حصولك على خليلة…. لكنك ما زلت طالبا، لذلك عليك استغلال أيام فراغك للدراسة!”
“خليلة…؟ ماذا؟”
“ليس وكأنني أهتم! لا شأن لي بمن تواعد! لـ-لكن… كل ما في الأمر، أنه…” بدأت أتمتم بأمور غير مترابطة.
بدا على وجه تاكّون التفاجئ… لكن حينها.
اقتربت الفتاة من مكاننا.
ونظرت إلى تاكّون ثم قالت:
“إذا هذه هي أياكو-سان التي حدثتني عنها.”
في تلك اللحظة.
عقلي المشوش ازداد حيرة.
ليس بسبب ما قالته.
بل بسبب صوتها.
“ظننت انني شعرت بنظرة غريبة قبل قليل… وعندما نظرت من حولي، كان هناك امرأة مشبوهة بشكل صارخ تنظر إلي. وقد كان الأمر كما ظننت تماما.”
شعرت انها قالت شيئا فضيعا مثل ‘امرأة مشبوهة بشكل صارخ‘ لكن ذلك لم يزعجني بتاتا.
صوتها…
لقد كان صوتها… عميقا.
كان صوت خشنا وعميق لدرجة أنه لم يبدو كصوت امرأة.
“يشرفني لقائك، أياكو-سان. لقد حدثني تاكومي كثيرا عنك.”
دون أدنى اهتمام لدهشتي، ابتسمت تلك الفتاة.
لا مهلا.
تلك… لم تكن فتاة.
“اسمي ساتويا رينغو، صديق تاكومي. كلانا يذهب لنفس الجامعة.”
تلك الفتاة الصغيرة النحيلة دعت نفسها بـ”ساتويا” وبصوت عميق ونبرة خشنة، وأشارت لنفسها بصيغة رجولية.
“مهلا…؟ ماذا؟ أ-أنت رجل…؟!”
“أجل، أنا رجل.” بعد أومأ برأسه بهدوء نظر إلى ملابسه ثم قال “أه، لقد فهمت. ارتديت هذه الملابس اليوم، هاهاها. لقد نسيت ذلك تماما. وجودي برفقة تاكومي جعلني أشعر أنني في حرم الجامعة. آسف، يبدو أن هناك سوء تفاهم.”
“…”
“هل ظننت أنني خليلة تاكومي؟”
“…أ-أجل…”
هي… لا بل ساتويا-كون سأل بطريقة ساخرة، لكن صدمتي مما جرى لم تدعني الحظ ذلك مما جعلني أومئ برأسي، ناسيةً بذلك أنه كان من المفترض أن أكون أتظاهر.
“مهلا؟ هل ظننت حقا أنني خليلته؟”
“أه، لـ-لا! أنت مخطئ! لم يكن الأمر كذلك…” بدأت بالخروج بأعذار على عجلة، لكن الأمر قد تأخر على فعل ذلك.
فكر ساتويا-كون قليلا بتعابير لطيفة تعلوا وجهه.
“…تاكومي، ألم تقل أن أياكو-سان رفضتك؟”
“أ-أجل…”
“هكذا إذاً… قامت برفضك، لكنها ولسبب ما، كانت تتبعنا قبل قليل مرتدية ملابس المحققين الخاصين. دعا لا ننسى أنها ظنتني خليلتك…” بعد أن همس بتلك الأمور وفكر للحظة، قال ساتويا-كون “هم… إحم… أظن أنه يتوجب علي قراءة الجو والذهاب إلى مكان آخر.”
“أجل… على الأرجح.”
“حسنا إذاً، سأدخل أولا وأحجز مقعدا. فلتحضر عندما تنتهيان. في الواقع، لا يهمني حقا إن حضرت أو لا.” قال ذلك كما لو أنه أدرك شيئا ما، ثم أخذ شراب تاكّون وغادر. وبساقيه الجميلتين، سار بحيوية وبخطوات أنيقة.
بعد أن بقينا لوحدنا، مشينا حتى نهاية الردهة حيث لم يكن هناك أحد.
“ذلك الفتى… أهو صديقك، تاكّون؟”
“أجل… أنه صديق عرفته عندما التحقت بالجامعة وكثيرا ما نتسكع سويا.”
“إنها جميلة جدا، لكن بالرغم من ذلك… فهو فتى.”
“هو يميل لارتداء ملابس أنثوية عندما يكون خارج الجامعة. آه، مهلا، إنه يكره أن يخبره الناس بأن ما يرتديه ملابس أنثوية. هو بنفسه قال أن الأمر لم يكن كما يقولون، إن كل ما في الأمر أنه يحب ارتداء الملابس الظريفة التي تليق به.”
“هـ-هيه…”
كيف أقول هذا… إن هذه هي الحال في هذا العصر…
من الصعب أن أتابع التغيرات بهذا العمر.
لكن وبغض النظر.
يبدو أن الشخص الذي ظننت أنه خليلته ليس سوى صديق له.
الآن عرفت لم بدا أنهما صديقان منذ فترة عندما رأيتهما سابقا.
والسبب أنهما كانا حقا كذلك.
“لقد دعاني لمشاهد فيلم اليوم. إحم… قال أنه يجب أن أنسى جروح قلبي وأحظى ببعض المتعة.”
“…”
“لكن لم تتبعتنا، أياكو-سان؟ وأيضا لم ظننت أن ساتويا خليلتي…؟”
“في الواقع، إن السبب…”
“دعيني أخمن… هل قالت لك ميو شيئا ما؟” سأل تاكّون في تردد.
“لـ-لم تسأل ذلك؟”
“…أخبرتها بأنني سأذهب للسينما برفقة ساتويا… وقد سألتني عن المكان وموعد اللقاء. بالإضافة إلى أن ميو تعرف عادات اللبس الخاصة بساتويا.”
“هـ-هذا يعني… أن ميو كذبت علي؟!”
لقد كنت مصدومة بينما أومأ تاكّون برأسه قائلا “غالبا ذلك ما جرى.”
أووووه… تلك الميو… لـ-لم كذبت علي…؟!
“إذاً… بفضل ما قالته ميو، اعتقدت أنني حصلت على خليلة جديدة ولذا حضرت لتتأكدي؟”
“أ-أجل…”
لم أعلم أي وجه أبدي. لقد كان الأمر تماما مثل ما قال، لكن لم يكن من السهل الاعتراف بذلك.
وذلك لأنه إن فعلت ذلك، فسيظهرني كما لو أنني…
كما لو أنني كنت مهتمة بتاكّون…
“لسبب ما… أنا متفاجئ قليلا.”
“آ-آسفة! كان من الخطأ تتبعك…”
“آه، لا، لم يكن ذلك قصدي.” قال بابتسامة تعلو وجهه. “أنا لا أمانع تتبعك لي. ما فاجأني كان أنك صدقت أن لدي خليلة، بالرغم أن ذلك كان خطأ ميو.”
“ماذا…؟”
“ليس من السهل أن أتخطى الأمر. كون أنه تم رفضي لا يعني انني بإمكاني التوجه لمواعدة امرأة أخرى. لقد كنتم مغرم بك لمدة عشرة سنوات. ولأكون صريحا، ما زلت كذلك…”
كلماته تضاعفت شيئا فشيئا، وحنى جسده قليلا للأمام لكنه ابتعد على الفور.
“…أنا آسف. أنا أسبب لك المشاكل، ألست كذلك؟ لم يكن هناك داعٍ لذكر أمر واضح كذلك.”
“…”
“هاهاها… إنه لمن المزعج ألا تعرف متى تستسلم، أليس كذلك؟ احم… لـ-لا تقلقي. من المستبعد أن أبدأ بمواعدة شخص آخر على الفور، لكنني سأحاول وأبذل جهدي لأتمكن من التوقف عن حبك.” قال تاكّون بينما علت وجهه ابتسامة مرغمة.
سيحاول أن يستسلم.
قرر التخلي عن شاعره من أجلي…
“آمل أن نستطيع نبقي علاقتنا جيدة كجيران. وبالنسبة لدروس ميو… إذا لا تمانعي، فأتمنى أن تدعيني أستمر بها.” قال بحسن نية، مقوما وقفته.
لكن لسبب ما، شعرت أن هناك هاوية تقبع بيننا.
شعرت أنه كان يحاول رسم خط يوضح موقعنا… خط يفرق كلانا كما لو كنا غريبين.
“وأيضا… لن أسيء الفهم هذه المرة لأظن أنك كنت تشعرين بالغيرة، لذلك لا تقلقي.”
“ماذا…؟”
“أتفهم أنك كنت قلقة بعد أن رفضتني، كنت تخشين أن أرمي نفسي في أحضان امرأة أراها للمرة الأولى. لم تحضري إلى هنا سوى لتتأكدي لأنك كنت تشعرين بنوع من المسؤولية عما سيجري لي، أليس كذلك؟”
“…”
“لا تقلقي، أنا أتفهم ذلك تماما.” قال ذلك كما لو كان يحادث نفسه، وبابتسامة حزينة تعلو وجهه. “حسنا إذا، ساتويا ينتظرني.” قال ذلك بينما استدار وغادر.
كان يمضي بعيدا عني.
كما لو كان يرسم ذلك الخط ويحاول أن يحافظ على مسافة.
فهمت في تلك اللحظة أنني أشعر بألم حاد في صدري وقد كان عقلي فارغا…
“مهـ… مهلا.”
حينما أدركت ذلك…
كنت أحاول إيقافه.
أمسك كم معطفه، وسحبته بشدة.
“…لـ-لا تتوقف.” قلت ذلك ثم التفت تجاهي بوجه متفاجئ.
توقفت أفكاري بالكامل. شفتاي بدأتا بالحركة من تلقاء نفسهما. تلك الكلمات لم تخرج من دماغي، بل كانت تزهر باندفاع من أعماق قلبي لتصل إلى فمي.
“لا تتوقف… عن محبتي.”
ما الذي أفعله؟
ما الذي أتفوه به؟
لكنني لم أتوقف.
لم أستطع أقوى على إمساك تلك الكلمات.
“لقد كانت الغيرة… كنت أشعر بالغيرة على الأرجح… أظن…”
تلك الكلمات التي قلت كان لساني يلفظها بينما كنت في حالة تردد.
لكنني لم أستطع فعل شيء بخصوصها.
حتى انا لم أفهم ما كان يجري.
“لقد كرهت الأمر… عندما قالت ميو أنك حصلت على خليلة، كنت في حالة صدمة، مصدومة ومحبطة، ولم أستطع أن أحافظ على رباطة جأشي… ولذلك تتبعتك. أظن أن تلك لم تكن سوى… غيرة مني. لقد كرهت فكرة أن تواعد شخصا آخر.”
“…”
“إنه أمر غريب أليس كذلك؟ أجل إنه كذلك… بالرغم من أنني كنت أنا من قال بوضوح أنني لا أستطيع الخروج معك… إلا أنني الآن لا أقدر على كبح مشاعري…”
تدفقت الكلمات من فمي دون توقف. كان الأمر كما لو أنني طفل تعلم النطق للتو، كنت أتفوه بكل ما يخطر في بالي.
“…ما قلته لميو في ذلك اليوم في غرفة المعيشة كان الحقيقة. فأنت بالنسبة لي الفتى الذي يعيش بجوارنا فقد كنت بالنسبة لي كابني… ولذلك لم أتمكن من أن اعتبرك رجلا.”
“…”
“لم أستطع… أو أنني كنت أفترض ذلك.” قلت. “منذ ذلك اليوم الذي صارحتني به… منذ أن قلت أنك تحبني، لم أستطع أن أخرجك من رأسي… سواء أكنت مستيقظة أم نائمة، كل ما كان يدور في بالي كان أنت، وقد كانت تفكيري في حالة فوضى دائمة…”
كنت كابني.
تلك العبارة لم تكن كذبة.
لم تكن كذبة… لكن بالرغم من ذلك…
“أظن أنني… بدأت أعتبرك رجلا بالفعل.” قلت ذلك.
قلت الكلمات التي خطرت ببالي بغض النظر عن فحواها.
واجهت نفسي الداخلية التي استمرت بإشاحة وجهها إلى هذه اللحظة.
– أياكو-سان. لقد كنت مغرما بك لمدة طويلة. فلتواعديني رجاء
منذ اليوم لك الذي صارحني به…
كان من المذهل كونه جزء كبيرا في حياتي.
لكن على الجانب الآخر كلما قمت به حتى الآن كان التهرب من تلك المشاعر الصريحة والنقية التي كانت لدى ذلك الرجل والذي أردت منه أن يكون خليل ابنتي.
تجنبت إعطاءه جوابا صريحا وتابعت التصرف كما لو أن شيئا لم يكن.
لكن… لم يعد بإمكاني فعل ذلك.
لا أستطيع الاستمرار بالتظاهر بعد الآن…
“احم… هل كلامي واضح؟ بالرغم من أني أراك كرجل، إلا أنني لم أكذب حينما قلت أني أعتبرك كابني… أنا منزعجة من فكرة أن تواعد امرأة أخر، لكنني لست متأكدة إن كان الأمر غيرة مني أم أنه مشاعر والدة مزعجة… لذلك…”
“…ببساطة.”
في حين تلاصق كلماتي بمشاعري، تكلم تاكّون.
وبنظرة جادة تعلو وجهه وعينين يملؤهما الأمل.
“بدأت تريني كرجل؟”
“أ-أجل…”
“لكنك لم تتوقفي عن رؤيتي كابن لك.”
“ذ-ذلك ما يبدو الأمر عليه.”
“لذلك لا تستطيعين أن تواعديني.”
“ذلك صحيح… جرت الأمور بسرعة لذلك لم أتمكن تنسيق أفكاري…”
“بالرغم من ذلك، لا تريد مني الحصول على خليلة أيضا.”
“أجل…”
“لا تريدين مواعدتي، لكن لا تريد أن أواعد فتيات أخريات. وتريدين أن أبقى مغرما بك وبك وحدك.”
“…”
مهـ-مهلا؟
عندما أنظر للأمر من هذه الناحية… ألم أكن أتفوه بكلام خالي تماما من المنطق؟!
ألم أكن كثيرة الإزعاج والأنانية؟!
“…بففت… هاها، هاهاها!”
بدأ تاكّون بالضحك.
فتح فمه وبدأ بالضحك بشكل صاخب.
“هاها. فوفو… أياكو-سان، مهما نظرت إلى الأمر، أليس هذا قاسيا جدا؟ هذه أنانية مبالغ فيها من جانبك.”
“أوه…”
لم أستطع الرد. كانت تلك بالفعل قسوة مني. وقسوة بشكل مبالغ فيه. بالرغم من كوني تعديت الثلاثين من العمر، إلا أنني كنت اتصرف مثل فتاة في المتوسطة واقعة في الحب… لا، بل حتى فتيات المتوسطة لن يقلن أمور مشابهة…!
لقد كنت مشمئزة من نفسي، إلى أن وفجأة…
“حسنا.” قال تاكّون.
“ماذا…؟”
“سأقوم بما طلبته. لن أواعد شخصا آخر… ولن أتوقف عن حبك.”
“مـ-ماذا؟ هل أنت متأكد؟”
حتى أنا ظننت أن ما كنت أقوله كان شيئا فضيعا للغاية.
“أظن أن وقوعي بحبك كان نقطة ضعفي. لذلك لا أملك الخيار سوى أن أطيع أوامرك.”
“أيضا.” تابع تاكّون.
وقد غطى شفتيه بيده.
“قد يبدو هذا غريبا… لكنني الآن سعيد للغاية.”
“سـ-سعيد؟”
وما الجيد في الاستماع لرغبات امرأة ثلاثينية أنانية؟
“حينما عرفت أنه من الجيد أن أبقى مغرما بك، أصبحت سعيدا للغاية لسبب ما.”
“…”
شعرت أنه قال شيئا مذهلا للتو.
كلماته كانت مذهلة للدرجة التي لامست فيها قلبي.
كنت مرتبكة بشكل جنوني حينما اقترب تاكّون مني.
“احم… هل يسمح لي أن أعتقد انني ما زلت أملك فرصة؟ أقصد أن تواعديني بالطبع.”
“هيييه؟! ذلك سيكون، في الواقع… أ-أظن ذلك. من الممكن. فرصة صغيرة. بـ-بجدية، ليست سوى فرصة ضئيلة!”
“مفهوم.” ابتسم تاكّون.
سابقا، ابدا ابتسامة حزينة ومبتذلة، أما الآن فقد أظهر ابتسامة في غاية السعادة. شعرت بالإحراج وبنوع من الحكة لسبب ما.
“احم… بالرغم أنه كانت أنا من قالت أنك ما تزال تملك فرصة، إلا أن ذلك لا يعني أنها ستكون في الحال! أريد أن أحظى ببعض الوقت للتفكير…”
“أعرف ذلك. لقد تصرفت باستعجال في السابق. هذه المرة سأقوم بذلك على نحو أبطأ.”
بالرغم من قولي كلام جارحا له، تاكّون لم يهتم وأبدا ابتسامة دافئة.
“لقد انتظرت لعشرة سنوات، لذلك لا أمانع الانتظار قليلا بعد.”
“تاكّون…”
“احم، حسنا إذاً… للآن دعينا نترك الأمور على حالها.” قال ذلك بإحراج ثم مد يده. “آمل أن نستطيع البقاء متوافقين.”
“…حـ-حسنا إذاً… دعنا نتصافح كدلالة على التصالح.”
شاعرة بالقليل من التوتر، صافحت يده.
تلك اليد التي لمستها… لقد كانت كبيرة للغاية.
يده كانت كبيرة وقوية، مختلفة تماما عن يده عندما كان مجرد طفل.
يداه الخشنتان أمسكا بيدي بقوة، مع ذلك كانتا تلفان يدي بحب شديد.
“سأبذل جهدي.” قال تاكّون. “سأفعل ما بالإمكان لأجعلك تقعين في حبي.”
“كـ-كن متساهلا معي… رجاء…”
بمواجهة اعتراف مباشرا وشغوفا، لم يكن بوسعي سوى أن أنظر للأسفل.