Musume Janakute Mama ga Sukinano !? - الفصل الثاني
♥
اليوم التالي… بالغت بالنوم…
“…مهلا… أوه!… إنها السابعة والنصف بالفعل… هااااه؟!”
أمسكت بهاتفي والذي كان بجانب السرير وصدمت حينما أدركت تأخر الوقت. قفزت خارج السرير وتوجهت لنزول السلالم مسرعة.
يا للورطة، يا للورطة العويصة.
عندما تصحو ربة منزل عند السابعة والنصف فهذا يعني أن يومها قد ضاع لعدة أسباب.
في أوان السابعة والنصف… يتوجب على ابنتي أن تكون جاهزة لمغادرة المنزل!
“آااه… ما الذي علي فعله الآن؟ الإفطار… لا بل الغداء…لا مهلا، علي إيقاظ ميو أولا…”
“…أوه، صباح الخير أمي.”
عندما نزلت آخر درجة يائسة، رأيت ميو في غرفة المعيشة.
“أخيرا استيقظت.”
“مي-ميو… آ-آسفة حقا، سأعد الإفطار في الحال…”
“لا تقلقي بخصوص ذلك. لقد تناولت بعض رقائق الإفطار.” أجابت ميو بكل هدوء. يبدو أنها قد أنهت طعامها للتو.
عندما امعنت النظر إليها لاحظت أنها كانت ترتدي زيها وكانت قد سرحت شعرها وقد كانت حقيبتها على أكتافها.
بدا عليها الاستعداد لدروسها.
“بالأمس ذهبت الى سريري مبكرا، واستيقظت مبكرا نتيجة لذلك. آه، سأشتري شيئا للغداء لذلك لا تقلي بخصوص ذلك.”
“هكذا إذاً…! أنا آسفة. سأعود لأطبخ لك غدا كالعادة.”
“لا بأس، لا بأس. الأهم من ذلك، إن لمن الغريب أن تكوني متراخية هكذا، هل بقيتي حتى وقت متأخر أثناء شربك مع تاكو-ني بالأمس؟”
“…؟!”
عندما سمعت اسم تاكّون تجمدت فورا. عقلي النائم استيقظ في لحظات.
“أجل… إ-إلم تخني الذاكرة.”
نبرة صوتي كانت مهتزة لدرجة ان صوتي بدا وكأنني أضحك ونظراتي كانت تتنقل من نقطة إلى الأخرى.
لم نتأخر في السهر كثيرا بالأمس.
في الواقع لقد خلدت إلى سريري قرابة الحادية عشرة، كما أفعل في العادة.
لكن المعضلة كانت أنني لم أستطع النوم.
أمضيت الليلة بطولها أتدحرج تحت الملاءة.
-أنا أحبك، أياكو-سان.
ذلك الاعتراف الصادم الذي تلقيته في الأمس قبل ذهابي للنوم، لم يكن اعترافا مازحا، فلقد استمر دويه بالضجيج في رأسي مرارا وتكرارا…
“…أهناك خطب ما يا أمي؟ إن وجهك محمر بالكامل، هل أنت بخير؟”
“ماذاا؟”
لمست خداي لأتفاجأ حينها عندما لاحظت مدى سخونة وجهي في تلك اللحظة.
“هل أصابك الزكام؟ أتريدين أن أجلب ميزان الحرارة؟”
“أ-أنا بخير! حقا، أنا بخير.”
“حسنا إذاً… آه، تاكو-ني، صباح الخير.”
عقلي والذي كان في فوضى بسبب تفكيره بمجريات ليلة الأمس. عاد فجأة للواقع، وقبل أن أدرك ذلك، كان جرس الباب قد قرع، وقد كان صديق طفولة ابنتي قد أتى لأخذها كالعادة.
“صباح النور، ميو.”
حينها نظر إلي تاكّون.
“صـ-صباح الخير، أياكو سان…”
بدا على صوته التوتر، وحتى تعابيره كانت تبدو مشدودة وصلبة. بدا وكأنه محرج ومربك.
وكذلك كنت أنا… كان رأسي فارغا. بالرغم من اعتيادي على رؤية وجهه يوميا، لم أستطع النظر اليه الآن.
“صـ-صـ-صـ-صباح النور، تاكّون… آه؟”
عندما تذكرت مظهري شعرت بالإحراج. كنت ما زلت أرتدي ملابس نومي، وشعري كان ما زال مجعدا. حاولت ترتيبه بيدي في عجلة.
“أنا آسفة! أنا متأكدة أن منظري مريع الآن…”
“لماذا تقلقين بخصوص ذلك يا أمي؟ هذه ليست أول مرة يراك فيها تاكو-ني في ملابس نومك.”
بعد ملاحظة ميو القاسية بدأت أصبح أكثر وعيا بالحالة. لقد أمضى العديد من الليالي معنا وقد رآني في كثير من الأحيان بملابس نومي، ورآني أيضا بدون مستحضرات التجميل، حتى أنه أيقظني من نومي في إحدى المرات.
واااااه! أشعر بالعار من نفسي!
ما الذي أفعله؟!
لماذا أبدي ردة فعل لفتاة مراهقة؟!
شعرت بالإحراج من ردة فعلي على ما جرا أكثر من الإحراج الذي شعرت به في البداية.
كما لو كنت…
كما وكأنني بدأت أعتبر تاكّون رجلا…
“ميو… أنا آسفة لكن هل تمانعين الذهاب؟”
متجاهلا الارتباك والإحراج اللذان شعرت بهما، خاطب تاكّون ابنتي.
“لدي شيء مهم لأناقشه مع أياكو-سان.”
“همم؟ حسنا، لا مشكلة.”
ميو بدت مستغربة لكنها رغم ذلك ارتدت حذاءها وخرجت بمفردها دون طرح المزيد من الأسئلة.
وأغلق الباب.
في اللحظة التي أصبحنا وحدنا وصل التوتر في الغرفة قدرا لا يمكن وصفه.
وبعد مهلة قصيرة من الصمت:
“هل استغرقت في نومك؟” سأل تاكّون. “من النادر أن يحدث ذلك.”
“أ-أجل… لم أستطع النوم.”
“…أنا أيضا لم أستطع ذلك ليلة الأمس.” قالها بينما كان يحدق بي مباشرة.
عيناه بدت عليهما الجدية بالشكل ذاته الذي كان في الأمس.
“أياكو-سان، أنا-”
“أ-أجل! أعرف، أعرف!” علا صوتي دون أن أدرك ذلك.
قاطعت كلامه كما لو أنني كنت أرفض الاستماع لما كان سيقول.
“سـ-سأتظاهر أنني لم أسمع شيئا بالأمس!”
“ماذاا؟!”
“لذلك تاكّون… ليس عليك القلق بخصوص أي شيء بتاتا. لـ-لقد كان بسبب ذلك الشيء، صحيح؟ لأنك كنت تحت تأثير النبيذ، أليس كذلك؟ لذلك… حسنا… شعرتَ بالغرابة ونتيجة لذلك حدث ما حدث، صحيح؟ أنا أدرك ذلك… أنا متفهمة تماما لما جرا.”
“أياكو-سان… أنا…”
“دعنا ننسى ذلك الأمر. دعنا ننسى كل شيء جرى ليلة الأمس. لـ-لا بأس، لم تجصل أي أذية… وأنا امرأة بالغة، لست فتاة صغيرة لآخذ حوارا بين سكارى على محمل الجد، جقا~”
“أياكو-سان!”
نبرة صوته الشديدة فاجأتني.
“لم تقولين هذا…؟”
تاكّون… أظهر وجها لم أره من قبل. لقد بدا عليه الحزن والغضب معا.
“في ليلة الأمس، أنا… لقد كنت مخمورا قلليا وكنت في مزاج رائع، وقد أكون تفوهت ببعض الأمور في لحظة حماس… لا يمكنني انكار ذلك.”
“لكن.” أكمل كلامه.
“كل ما قلته البارحة كان حقيقة.”
“…”
“أنا أعشقك، أياكو-سان، وقد كنت دائما مغرما بك…” قال تاكّون.
وبعدها أكمل حواره كما لو لم يكن يعد يملك أي إدراك لذاته او أي تحكم بها.
حاول البوح بمشاعره تجاهي…
“من وجهة نظرك فأنا مجرد طفل، وفي الواقع فكرت مرارا بالتخلي عن حبك… لكن لم أستطع يوما محو مشاعري تجاهك من قلبي. أود حقا بدأ علاقة جادة معك.”
“تاكّون…”
“ليس عليك أن تجاوبي مشاعري الآن… لكنني سأكون سعيدا إن فكرت بخصوص هذا الموضوع.”
“حسنا إذاً… وداعا.” قال ذلك.
من ثم رحل.
بعد ذلك وبكل ضعف وقعت أرضا.
“… أكان جادا فيما يقول؟”
لم يبدو على ملامحه المزاح. إن كان اعتراف ليلة الأمس مزاحا… أو كان بسبب تأثير الكحول، كان من الممكن أن يكون غير متوقعا، بصراحة ظننت أنه مجرد مزحة.
بسبب ذلك قررت دون إدراك مني أن أقبل كل ذلك كما لو كان مجرد مزاح.
اقترحت نسيان كل ما جرا.
لكن،
إخلاصه، ورغبته… أفشلا مخطط هروبي الماكر.
والآن أصبحت في مسألة لا أستطيع فيها إلا أن أحارب إصراره وجها لوجه.
مشاعر تاكومي أتيرازاوا الحقيقية…
“تاكّون… معجب بي حقا… أحبني دوما وعانى كثيرا من حب ذو طرف واحد… أووه… آه… أوا… أهه…”
أمسكت رأسي في لحظة ألم. قبل قليل كنت محرجة بسبب خروجي بملابس نومي، أما الآن فأنا مشوشة لدرجة أن دماغي قد تخلى عن التفكير.”
“…مـ-ماذا عساي أن أفعل…؟”
♠
“تاكومي، استيقظ.” أحدهم كان يهز كتفي لأفتح عيني.
كانت تلك الغرفة 102 من مبنى قسم الاقتصاد.
كانت لدي محاضرة في تخصص علم الاقتصاد الحديث… لكن يبدو أنني قد غفوت، رفعت رأسي بسرعة، لكن لم يكن هناك من أثر لأناس في الغرفة.
“تبا…”
“لدي ملاحظات عن الأمور المهمة، أتريد نسخها؟”
“آه، شكرا. لقد أنقذتني.”
“لا داعي للشكر، فأنت دائما ما تساعدني.” قال ساتويا مبتسما بلطف. الملاحظات التي أعارني كانت تحتوي على أهم جزء في المحاضرة وقد كتبت بعناية.
ساتويا رينغو.
فتى قصير ونحيل، وله وجه طفل كوجه طالب في المدرسة المتوسطة، أما شعره فهو طويل ومسدل للخلف.
إذا نظرت لكلينا لظننت ان فرق العمر بيننا كبير.
يرتدي الملابس العصرية ويضع الإكسسوارات البراقة، أظافره كانت وردية مكسوة بطلاء أظافر ذو لون داكن. ذلك ما جعلني أدرك مقدار الإشمئزاز الذي كان يعامله به كبار السن.
باختصار، إنه شاب وسيم ورجل عصري وذو وجه ظريف.
كان صديقا يشاركني نفس القسم. قابلته في الجامعة وكنا قد حضرنا المحاضرات نفسها. وبما أننا نتشارك نفس المحاضرات، كنا نمضي الوقت سوية.
“بالرغم من ذلك، لا يمكنني التصديق أنك أنت من بين الجميع غفوت في منتصف المحاضرة.”
“لم أستطع النوم جيدا بالأمس.”
“همم؟ أكنت تؤدي فروضك المنزلية طوال الليل؟”
“لا لم تكن فروضي هي السبب.”
“إذاً… هل هذا يعني أن هناك ما جرى بينك وبين أم جارتك؟”
“…”
“أوه! يبدو أن تخميني أصاب الهدف.”
وجه ساتويا الطفولي الملتوي وابتسامته العابثة قد ظهرا.
“أنت سهل الفهم، تاكومي. من المستحيل أن يكون السبب علاقة غرامية.”
“أغلق فمك…”
وفي أثناء تبادلنا الإهانات، خرجنا متوجهين إلى الكافيتريا.
كانت كافيتريا الجامعة مكتظة في وقت الغداء.
جلبنا قسائم الطعام وانتظرنا في الصف. طلبت الكاري بينما طلب ساتويا الدونبيري (م.ت.: الدونبيري هو وعاء من الأرز في أعلاه خضار أو لحوم أو أسماك الخ) بعد حصولنا على طعامنا وجدنا مكان فارغا لنبدأ الأكل فيه أخيرا.
“هاه…؟ لا يمكن… هل أخبرتها بمشاعرك؟؟ حقا؟” عيناه فتحتا بوسع أثناء تفاجئه بسماع الخبر.
لقد أخبرته مسبقا بخصوص إعجابي بأم جارتي، أياكو-سان، والذي دام لعشرة سنوات.
في آخر مرة شربنا فيها أطلعته على سري دون قصد.
“هييه، هييييه…! أوااه! ما الذي يجب أن أفعله؟ إن هذا مضحك للغاية.”
“إن هذه ليست لعبة… إنها مسألة حياة أو موت بالنسبة لي.”
“أنا أعلم ذلك. آسف، لم أستطع مقاومة شعور الحماس، صديقي الصدوق استطاع أخيرا السير بخطوته الأولى في مسيرة حبه ذو العشر أعوام.”
ساتويا لم يستطع إخفاء حماسه، تبا، لقد كان يتكلم كما لو كانت مشكلة شخص آخر.
هاااه!
لم أستطع تصديق ذلك نوعا ما.
بدى الأمر أشبه بالوهم، مجرد التفكير بأن الموضوع انتهى باعترافي، مجرد تذكر ذلك يجعلني أتمنى أن تبتلعني الأرض من الإحراج.
‘أنا لست نادما‘… سيكون من الجميل أن أستطيع قول ذلك وحسب، لكن ولأكون صريحا أنا نادم أشد الندم على فعلتي تلك، بأكملها، كلها. أمضيت فترة طويلة أتألم بسبب ذلك منذ اللحظة التي خلدت فيها الى فراشي بالأمس، تمنيت كثيرا لو ستطيع العودة بالزمن.
بالأمس قطعت نقطة اللا عودة.
“أنت تحبها بصدق، أليس كذلك؟” سأل ساتويا باهتمام أثناء إشاحته النظر بعيدا.
“ماذا؟ الم تكن تصدقني؟”
“في الواقع، ليس وكأنني كنت أشك بصدق مشاعرك… كان الأمر أنني لم أستطع تصديق ذلك مباشرة. أعني فكر في الموضوع حب من جهة واحد استمر لعشرة سنوات وليس لأي شخص بل لأم صديقة طفولتك التي تعيش بجواركم والتي تكبرك بعشرة سنوات.”
“..”
في الواقع أظنه يملك وجهة نظر منطقية في قوله ذلك.
إنه من لغريب أن تقع في غرام أم صديقة طفولتك.
حتى أنا أدرك ذلك.
لكن بالرغم من ذلك بقيت واقعا في غرام أياكو-سان لمدة عشرة سنوات.
وطيلة هذي السنين لم اتوقف يوما عن الحلم بمواعدتها.
“كيف وقعت في حبها مجددا؟ ألم يكن ذلك عندما كنت في العاشرة من عمرك؟ استحممت مع أياكو-سان ورأيتها عارية؟”
“لـ-لم يكن الموضوع كذلك، لا تظهرني وكأنني طفل منحرف.”
“لكن ذلك ما جرى، أليس كذلك؟”
“…”
في الواقع هو ليس مخطئا فيما قال.
لقد استحممنا معا ولا أنكر أنني رأيتها عارية.
لكن ذلك كله جرى قبل عشرة سنوات، لذلك كانت من عادتها أن ترخي دفاعها بقربي ولم تكن تحاول إخفاء شيء عني… وبفضل ذلك تمكنت من رؤية كل شيء لا يجدر بي رؤيته.
“رأيتها عارية قبل عشرة سنوات، لا يمكنك أن تنسى ذلك، حتى لو كنت واقعا في حبها… ما زال ذلك يجعلك منحرفا، تاكومي، وأيضا متتبع~”
“أغلق فمك… وأيضا ذلك الحمام لم يكن السبب في وقوعي في حبها.”
في الواقع… لا يمكنني أن أنكر أنني بعد استحممت معها أصبحت أراها كامرأة بطريقة أكثر جدية.
لكن ذلك لم يكن السبب الوحيد.
لم يكن جسدها السبب.
المشاعر التي ما زلت اعزها وأقدرها طيلة هذا العقد المنصرم ليست بهذه التفاهة ليتم تلخيصها ببضعة كلمات سطحية.
“في الواقع وبطريقة ما إنه لمن الصعب تصديق أنك لم تهتم لأي فتاة طيلة تلك العشرة سنوات. الخط الذي يفصل بين الانحراف والحب النقي قد يكون رفيعا بشكل دقيق أحيانا، بقدر سمك الورقة أحيانا.” قال ساتويا بنبرة تظهر انه قد أدرك شيئا ما. “يمكنني أن أتفهم أن أم صديقة طفولتك اليافعة قد تكون نوعا ما جذابة، في الواقع حتى أنا أشعر بالانجذاب لأمهات الآخرين لبعض الأسباب. بالرغم انني لا أرى ذلك في أمي… لكن وبالرغم من ذلك تلك ليست سوى مجرد أوهام طفولة. في الوضع الطبيعي، سيتوجب أن تصحو منها عند الكبر.”
“…”
“لكن في حالتك ما زلت متمسكا بتلك الأوهام طيلة حياتك، حتى بعد دخولك في العشرينات. بعد كل هذا الوقت، من المؤكد أنه حتى أوهامك قد تصبح حقيقة.”
متحدثا بطريقا تجعل المرأ غير قادر على تمييز ما إن كان منبهرا أو أنه يسخر مني، مد ساتويا يداه تجاه رأسي.
“على كل حال، أنا سعيد جدا بأنك كنت قادرا على البوح بمشاعرك لها. أحسنت عملا باعترافك. حسنا إذاً، دعني أمدحك قليلا.”
“اخرس… وأرجوك أوقف هذا.”
أبعدت يده التي كان يربت بها رأسي.
“لكن، كيف أقول ذلك، كونك قد اعترفت في أثناء كونك تحت تأثير الكحول له تأثير سلبي على اعترافك.”
“آغه… أعـ-أعتقد ان الأمر كذلك.”
في الواقع ذلك أكثر ما أندم عليه.
استطعت الاعتراف لكن في تلك الظروف…
“… إ-إن ذلك خطأ أياكو-سان، هي التي أعطتني ذلك الجو الرومانسي بكلامها الداعم الذي ألقته في تلك الليلة عندما أخبرتني ‘ان كان هناك فتاة تحبها فعليك أن تخبرها بما تشعر به دون أي تردد‘…عندها قررت الاعتراف فورا.”
“أظن أنها لم تتخيل أن تكون هي الفتاة التي وقعت في حبها، لا أستطيع تخيل مدى الصدمة التي تعرضت لها.”
“أظنك محقا نوعا ما…”
عندما أمعن التفكير في تصرف أياكو-سان البارحة وهذا الصباح، إنه لمن الواضح أن أياكو-سان ما زالت مصدومة من التغير الكبير في الأحداث الذي جرى.
لم تكن تملك أي فكرة بأنها من كانت أحب.
“أشعر بنوع من الذنب، فبفضل اعترافي تسببت لها بالكثير من المتاعب.”
“ذلك ما يعنيه أن تعترف بمشاعرك.” قال ساتويا كما لو كان حكيما من نوع ما. “استجماع الشجاعة للاعتراف بمشاعرك… الناس يعتبرون ذلك فعلا شجاع، لكن في الواقع، الموضوع أشبه برمي قنبلة من الأنانية في وسط علاقتكم الشخصية. أتمنى أن يمضي كل شيء على ما يرام، لأنه إذا جرى عكس ذلك ستنتج كارثة كبيرة، ليس فقط للشخص الذي اعترف، بل للطرف الآخر أيضا، سيتوتر ويعاني إذا لم يكن يريد الأذية للطرف الآخر.”
كلماته القاسية سقطت على مسامعي كالأوزان الثقيلة.
لكنه كان محقا.
أسقطت قذيفة ضخمة. سلاح فتاك مدمر مزيّن بكلمات بمظهر الاعتراف بإمكانها أن تدمر جميع أنواع العلاقات.
علاقتنا لن تعود أبدا إلى ما كانت عليه في السابق…
حتى لو رفضتني وقالت ‘دعنا نعد إلى ما كنا عليه‘ ثم ابتسمت كما تفعل دوما… لن تستطيع ابدا أن تراني كصديق طفولة ابنتها كما في السابق.
لقد دمرت العلاقة التي كانت بيننا لعقد كامل بسبب مطامعي الشخصية…
“مستقبلك يعتمد على إجابة أياكو-سان.”
“معك حق في قولك…”
ما زلت لم أحصل على إجابة قطعية.
أو لأكون أكثر دقة أنا خائف من سماع تلك الإجابة لذلك طلبت تأجيلها. بالأمس وهذا الصباح أيضا، هربت دون سماعي لتلك الكلمات. أخبرتها بهدوء أنها لا تحتاج أن تستعجل في إجابتها، لكن تلك ليست الحقيقة، الحقيقة أنني كنت أخشى سماع الإجابة الحقيقية.
لكنني لا أستطيع الاستمرار بالهرب الى الأبد.
تنهدت بعمق.
اعتراف مفاجئ بسبب تأثري بالشرب… سأكذب إذا تظاهرت بعدم الندم، ولكنني كنت مستعدا لذلك، الى حد ما.
كان ذلك ليحصل عجالا أم آجلا.
وقد كاد صبري أن ينفد.
لا أستطيع أن أعيش بقية عمري بحب من طرف واحد… وخاصة إن كانت حتى لا تراني كرجل.
كان الموضوع أجوفا ومحبطا ومؤسفا، أن المرأة التي أحببتها لا تعاملني حتى كرجل، بل تراني كطفل…
♥
لم أستطع التركيز على عملي أو على مهامي المنزلية بتاتا ذلك اليوم.
حاولت فرض تركيزي على أمور أخرى في سبيل تفريغ دماغي، لكن ذلك الأمر لم يهجر تفكيري. في كل مرة أتذكر اعتراف تاكّون، أشعر بأن دماغي أصبح مفرغا وغير قادر على التفكير بالأمور الأخرى.
كم مضى من الوقت منذ آخر مرة اعترف بها رجل لي بحبه؟
في سنين دراستي، اعترف لي الكثير من الأولاد… لا.
لا أظن أن أحدهم اعترف ليبدأ علاقة جدية معي من قبل.
بسبب اعتراف تاكّون لي بمشاعره وبكل جدية… فقدت القدرة على استعمال عقلي والذي يبدو أنه قد تغلب عليه التفكير.
“أمي. لقد عدت. ما الذي أعددته لغداء اليو~ ما هذه الجلبة بحق الجحيم؟!”
ميو والتي قد عادت للتو قبل أن أدرك ذلك، كانت متفاجئة من مظهر غرفة المعيشة. ملابس نصف مطوية والمكنسة الكهربائية مرمية على الأرض وحاسوبي المحمول ملقى بجاني كومة من الأوراق. كانت تلك فوضى بكل ما تحمله الكلمة من معاني.
الغرفة بأكملها كانت تجسيدا للكارثة.
تماما كحال قلبي في تلك اللحظة…
“ما الذي جرى لك يا أمي؟ ما الذي حصل هنا؟”
“آاه… أهلا بعودتك ميو. أوه يا للهول… متى تأخر الوقت هكذا؟”
أرغمت جسدي على النهوض من الأريكة بعد فترة طويلة من الجلوس. نظرت إلى الساعة لأفاجئ أنها قد تجاوزت الخامسة مساء. كنت أنوي أن أستريح لبرهة، لكن يبدو أنني كنت ضائعة بالأفكار لمدة ثلاث ساعات.
“أنا آسفة، سأنظف المكان في ثواني. وأيضا- همم… ما رأيك أن نطلب غداء من الخارج اليوم؟ لأنني لم أجهز شيئا لنأكله على الغداء.”
“لا مشكلة عندي، لكن… هل أنت حقا بخير يا أمي؟ هل أنت مريضة؟ تصرفاتك كانت غريبة منذ الصباح.”
“أ-أنا بخير… أنا بأحسن حال…” أجبتها وبدأت بإزالة الملابس نصف المطوية.
“…أجرى شيء بينك وبين تاكو-ني؟” سألت ميو أثناء اشتباهها بوجود خطب ما. شعرت حينها برجفة جعلتني أسقط الملابس التي كنت أحملها.
“ماذ…؟ لـ-لـ-لماذا تسألين هذا السؤال…؟”
“كلاكما كنتما تتصرفان بغرابة منذ صباح اليوم… أجرى بينكما شيء بعد خلودي للنوم؟”
“لـ-لـ-لـ-لا شيء! لا شيء البتة! هاهاها، لقد صرت تتفوهين بأمور غريبة… هاهاها!” بكل يأس حاول التهرب من سؤالها وتوجهت للثلاجة لأبحث لي عن شيء لشربه.
كنت متوترة ومرتعدة لدرجة جعلت حلقي يجف بسرعة.
“لا تقولي لي…” قالت ميو.
قالت وبنبرة صوت هادئة ومتفاجئة:
“هل اعترف لك تاكو-ني؟”
“-~؟! أوتش!”
صدمت رأسي متفاجئة.
كنت مضطربة لأني لم أكن منتبهة مما أدى إلى صدمي لرأسي بسقف الثلاجة.
نتج عن ذلك صوت ارتطام مرتفع ‘بااام‘.
“…! أوتش…!”
“إن ذلك كان السبب.” ميو تنهدت بينما كنت منحنية أفرك جبهتي.
“أ-أ-أ-أنت مخطئة! لم أضطرب بسبب ذلك~”
“فهمت! لقد فهمت! هذا يعني أنه استجمع شجاعته أخيرا.”
“~في الواقع لقد صدمت رأسي لأجرب نصيحة طبية أخبرني إياها أحدهم… ماذا؟”
“تبا، لقد استغرقه الأمر الكثير من الوقت.”
“مهـ-مهلا، ميو… أمهليني دقيقة فقط. همم، مهلا؟ اسمعيني…”
لقد كان دماغي في حالة من الفوضى.
أمهلني دقيقة، لماذا كانت ميو تتكلم برود عن ذلك الأمر. ردة الفعل تلك كانت مختلفة تماما عن خاصتي، لم لست متفاجئة؟ تاكّون صارحني بمشاعره! لقد قال أنه مغرم بي!
إن هذه مسألة بالغة الجدية، وأنت تعلمين ذلك!
هل من الممكن…
“…ألديك علم مسبق بخصوص ذلك؟”
“أحل، علمت ذلك… نحن هنا نتحدث عن حقيقة كون تاكو-ني مغرما بك، أليس كذلك؟”
“أ-أجل…”
محرجة!
أنا في قمة الإحراج بعد سماعي لذلك مجددا!
في الواقع إن الإحراج يكون مضاعفا عندما أسمع ذلك من ابنتي!
“علمت ذلك أو بعبارة أخرى لاحظت ذلك. تاكو-ني بسيط للغاية. في الواقع أنت الأخرى بليدة بشدة وذلك كان سبب عدم ملاحظتك أو عدم تفهمك. على الأرجح أنك ظننت أنه كان يحبني.”
“…!”
“بجدية… إنك بطيئة الفهم، أو أنه يجب أن أقول عمياء.”
“لـ-لكن…” تحت النظرات القاسية من ابنتي حاولت أن أخرج بعذر “كيف لي أن أعلم ذلك؟ هنالك فرق عشرة سنوات بين كلينا. من وجهة نظر تاكّون فأنا مجرد عجوز… مجرد تلك العجوز التي تعيش بالجوار…”
قول ذلك كان مؤلما بحق…
لكن تلك كانت الحقيقة.
من وجهة نظر أي شاب، فأنا امرأة في منتصف العمر. وعندما كنت في العشرين من عمري كنت أظن أن النساء في الثلاثينات عجائز.
وبفضل ذلك المعتقد… لم أتخيل أبدا هذه الحالة.
الفتى الذي يصغرني بعشرة سنوات يقع في حبي.
“حسنا، من وجهة نظري الخاصة، أنت عجوز، لكن بالنسبة لتاكو-ني فذلك أمر آخر.” كلمات ميو التشجيعية لم تجعلني في حال أفضل. “طالما يوجد الحب ففرق العمر لا يهم، أليس كذلك؟”
“ذلك…”
إن هذه نفس الكلمات التي أخبرتها تاكّون بالأمس.
كما لو أن كلماتي في تلك اللحظة عادت لتطعنني.
“لقد كنت مقتنعة أن تاكّون واقع في حبك.”
“أخبرتك كثيرا أن ذلك كان بسبب سوء فهمك.”
“لكنه يأتي يوميا ليصحبك…”
“كان ذلك لأنه يريد رؤية وجهك.”
“وكان يساعدك في دراستك…”
“كان ذلك لأنك من طلبتي منه ذلك.”
“…وعندما أصابني البرد كان يعتني بي لأنه كان يخشى أن تقلقي بخصوصي…”
“هذه أيضا، من الواضح أنه كان يقوم بذلك من أجلك.”
“…”
بعد ذكر كل ذلك بكل برودة، لم أستطع الرد إطلاقا.
إيه؟ مهلا.
أهذا يعني… كل ما ظننت أنه كان يقوم به بسبب حبه لميو… كان في الواقع بسبب حبه لي؟
“…بسبب غرامه بي، كان يأتي يوميا ليصحبك، وقد ساعدك في دراستك واعتنى بي في مرضي… مهلا؟ هل كان تاكّون يحبني لتلك الدرجة؟!”
“نعم وبعمق.”
“إييه… هم… آأه… وااااه…!!”
راكعة على قدماي، وغير قادرة على الحديث. وجهي كان ساخنا. لماذا؟ أنا لا أفهم ذلك البتة. ما الذي قد يجعل فتى في سن العشرين يقع في حب امرأة عجوز مثلي؟
“خسنا، ما الذي تنوين فعله؟” سألت ميو، بينما كنت أموت من العار.
“…ماذا يجب أن أفعل…؟”
“هل ستواعدين تاكو-ني أم لا؟”
“حـ-حتى لو سألتني عن ذلك…”
“دعيني أخبرك هذا، لا داعي لأن تقلقي بخصوصي.” قالت ميو بلا اهتمام بينما كانت تجلس على الكرسي. “أنا في الخامسة عشرة من عمري بالفعل، ولا أملك أي نية للتأثير على حياتك الشخصية. في الواقع… أريد دعمك.”
“تـ-تدعميني…؟”
“نعم، سأكون في قمة السعادة لو انتهى الأمر بزواجك من تاكو-ني.”
“زو-زواج…؟! مـ-ما الذي تقولينه؟!”
كل ما استطعت التفكير فيه كان اعترافه لم يتعدى تفكيري تلك النقطة أبدا.
الزواج.
زواجي أنا وتاكّون…. آه، لا، لا، توقفي عن التفكير في ذلك!
“إن تاكو-ني يعجبني كثيرا.”
في الوقت الذي كنت فيه في حالة من الهرع، تابعت ميو حديثها الذي فاجئني بنبرتها سعيدة.
” ليس نوعي المفضل كرجل، لكن كشخص، أنا معجبة به وأحترمه كثيرا. وإن كان هو فأنا لا أمانع أن أناديه بأبي. سيكون من الجميل أن يكون لي أب بذلك الصغر.”
“تـ-توقفي عن هذا… ميو، توقفي عن السخرية من حياة البالغين.”
“أنا لا أسخر منكم.” مخفضة نبرة صوتها قليلا، تنهدت ميو.
ذلك الجو الطائش الذي كان يملئ الغرفة اختفى، ونبرة صوتها أصبحت أكثر جدية.
“أنا أيضا… أشعر بالذنب. لقد ضحيت بعشرينياتك من أجل ‘غريبة‘ مثلي.”
انقطع نفسي.
شعرت بألم في صدري.
“أنه خطأي أن امرأة بجمالك لا تواعد أحدهم، أليس كذلك؟ بقد ضحيت بحياتك من أجلي~”
“~ميو. ما الذي تقولينه؟!” قلت بشدة. كان علي فعل ذلك.
توجب علي نفي ما كانت تقول.
“لم أعتبرك يوما ‘غريبة‘، بالإضافة… لا أظن أبدا أنني ضحيت بحياتي من أجلك. في الواقع… أعتقد أن ذلك كان العكس تماما. لقد أعطيتني الكثير…” احتوى صوتي نوعا من الاضطراب.
وببطء، بدأت عيناي تزدادان رطوبة وكانت الدموع قد بدأت تتجمع.
“هاي، ميو… أتذكرين؟ اليوم الذي ناديتني بماما للمرة الأولى…؟ أجل كان ذلك بعد أن أخذتك~”
“~آه، لا بأس، ليس عليك ذكر ذلك الموضوع. فلتنسيه.” ميو هزت يداها بغضب.
وجهها كان باردا كما لو كان العكس مما كان عليه وجهي والذي كان مليء بالمشاعر الجياشة.
“لا أريد سماع ذلك النوع من القصص المبتذلة.”
“ماذا؟!”
ما الذي عنته بقولها ‘ذلك النوع من القصص المبتذلة‘؟!
كنت على وشك إخبارها بقصة تشطر القلب! تلك المشاعر الثمينة كان المفترض أن تغمرها بالمشاعر ثم ينتهي السناريو بعناق شغوف بين الأم وابنتها!
“أمي، أنت دائما تتكلمين عن تلك القصة ثم تهمين بالبكاء حينما تبدئين بالشرب. لقد مللت من سماعها.”
“آاغه…”
“في الواقع ولأكون عادلة، اختياري للكلمات لم يكن الأفضل. أنت لم تضحي بنفسك لأجلي. لكنك كنت متعاطفة معي، لذلك كنت تشيحين بنظرك عن الأمور التي كنت تحبيها، أليس كذلك.”
“فـ-في الواقع…”
في الواقع،
أظن أن نصف ذلك صحيح.
أنا لست امرأة متهورة قد تخرج عن طريقها لببحث عن الحب أو لتقدم نفسها للرجال، لذلك لا أعلم إن كنت لأحصل على رجل إلم تكن ميو معي… لكن يبدو أن وجودها قد وضع بعض الأعباء على كاهلي، أنا التي لم تكن تعلم شيء بخصوص الحب.
“أمي، أنا حقا أراك كأمي الحقيقية.” قالت ميو.
كانت تلك طريقة بسيطة في التعبير، لكها كانت كافية لتوضيح مشاعرها وتوضيحها لي.
“وأنت تعبريني كابنتك الحقيقية، أليس كذلك؟”
“أ-أجل…”
“إذاً أنت تفهمين ما أحاول قوله، صحيح؟ بنفس الطريقة التي تبحثين فيها عن سعادتي فأنا أيضا أبحث عن سعادتك.”
“…”
لم أستطع الرد.
كيف أشرح ذلك…؟ لقد كان الأمر كما لو أنني خسرت في الجدال.
كلماتها تركتني غير قادرة على التعبير.
“لـ-لقد كبرتي حقا يا ميو…” قلت مستسلمة.
ابنتي ذات الخمسة عشر عام أصبحت امرأة مقدرة، كانت مشاعري مختلطة. جزء مني كان سعيدا بسبب أنها قد نضجت، والجزء الآخر حزين لنفس السبب.